ربما...


لربما قمت بجهد استثنائي بذلت فيه ما أرهقك لترسم ابتسامة على وجه جدتك... أمك... أو حتى على وجه شخص غريب عابر... فشعرت برضا غامر... 
لربما أعظمت أستاذا لك... فتعبت لتتقن رسم الحروف أو اللوحات أو سهرت تتفنن في عمل فزت بعده بلمسة على كتفك و نظرة رضا تنسيك كل تعبك و تشعرك بذلك الفرح الغامر الذي تظهر آثاره على عينيك قبل أن يستقر في قلبك...
ربما بذلت جهدا غير اعتيادي في أحد الأيام في عملك... فسهرت و قد احترقت عيناك في مكتب لا يكاد يضيء إلا من شاشتك و أرسلت ذلك المشروع بضغط أزرار و أسنان فوصلت رسالتك قبل الفجر أو بعده... فسررت برغم المشقة لسرور من استقبل جهدك...

و لربما بذلت جهدا في ظمإ و تعب و جد و اجتهاد في صيام أيام شديدة الحر فأحسست بين طياتها بأن الله قد نظر إليك فوجدك متأملا رضاه فرضي عنك... و تسلل ذلك الأمل في نفسك بأن من أحببت قد قبل صيامك و جهدك فأصابك ذلك الشعور الذي عرفت...
ربما توضأت فانتابك شعور بأن ذنوبك تمحى مع كل قطرة تنساب ثم استشعرت معية الله في سجودك فسبحت و زفرت شيئا من آهات الهموم التي أثقلتك فامتزجت بدمعة لربما ردت عن عينيك شيئا من حر يوم عظيم...
و لربما هبت عليك نسائم الليل في قيام رمضان فداعبت روحك و كأنها مرسلة إليك من عالم آخر... لعلك شعرت بذلك الشعور الغامر بالمحبة الذي يسكن قلبك فنسيت كل تعبك بل استمتعت بكل ما أرهقك... ربما لأنك علمت أن من أحببت قد سره أنك قد قمت بكل ذلك لأجله...

و ربما قد نويت أن تفطر في رمضان فخسرت كل شعور بالرضا تلذذ به غيرك و ربما أرهقت و ظمئت و تعبت و لكن في غير طاعة و في أمل طويل بحسن راتب أو عمل و كنت تتقلب في أكل و لعب و متع و جعلت تقلب نظرك في ما يغضب من صام غيرك لأجله و أعملت لسانك فيما نهيت عنه فجعلت تأكل لحم أخيك بينما الناس صيام... و لربما استشعرت بين ذلك كله بشيء من الهم و الغم و بأن الله قد نظر إليك و رأى سواد قلبك فزادك ذلك هما بهم... فأين أنت ممن اشتاق ليجد الرضا في المشقة...

"رّبَمَا يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" سورة الحجر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Destroying A King's School in Jordan (Built in 1947)

Can't stop thinking about your Grave...