غزة... المسلسل الجديد!
شعور غريب مؤلم ينتابني بين فترة و أخرى، بأن معاناة و بطولات الآخرين أصبحت تشكل مصدر "تسلية أو إلهاء" مهما كانت مؤلمة أو معبرة عن شعور بالوحدة مع المظلوم، لكن يبقى يتسلل إلي ذلك الشعور و كأنني أتابع مسلسلاً مليئاً بالأحداث... دموع، دماء، انتصارات، خيانة، عمالة، عمليات... و كأنني أبحث عن نصر لارتبط به لكن بيني و بينه فاصل لا أتجاوزه، شاشة صغيرة، تفصلني عن الالتحام الحقيقي بمعاناة و انتصارات أمتي، ثم لا أفعل إلا القليل القليل...
و أشعر بأن الجماهير العربية تتابع ما يحدث في غزة و كأنها تعرفت على مسلسل رمضاني جديد، أبطاله متنوعون كما هم تجاره، لكنه أفضل بكثير من المسلسلات التي تطبع بفخر عبارة "مستوحاه من قصة حقيقية"... فهذه المرة الأحداث حقيقية ١٠٠٪ و تحدث الآن! و فيه الكثير من التشويق و الدراما و الدموع و قصص الحب و الدمار و تفيض بالمشاعر الإنسانية المختلفة من خوف و ظلم و انتصار!؟!... التفاعل يكاد يقتصر على المتابعة بشيء من التجمد أمام الشاشات..
الفرق بين المسلسل و الحقيقة ليس عظيماً... بل هو عظيم... الحقيقة يفترض أن تدفعك إلى العمل، يفترض أن تدفعك تلك المتابعة إلى فعل بدل التجمد خلف الشاشات، أن تنفق شيئاً من مالك فتتدفق الأموال على غزة؟ أن تبذل نفسك إن استطعت نصرةً للمظلوم، أن تصرخ أن استطعت في وجه مسؤول "أين كل إمكاناتكم أمام أعدائكم لا أمام شعوبكم؟" أن يقودك إدراك حقيقة تآمرالأنظمة إلى فعل يؤدي في النهاية إلى زوال العملاء المتحكمين في رقاب الناس... أن لا يخدعك تباكي الظالمين على الضحية أبداً... أن تصل إلى مراكز وعي الشعوب الغائبة بوجهة نظر غزة، أن تؤثر في الإعلام المعادي لقضية غزة، أن تمسح دمعة... تستثير همة... أن تدرك الحقيقة المرة التي تتجاهلها في وجدانك أن دم السوري ليس أرخص من دم الفلسطيني لمجرد إختلاف القاتل، فلا يخدعك هتاف القاتل في سوريا أو لبنان و إيران... لا مزاودة على دماء فلسطينية بينما هم ينهلون من دم السوري...
تستطيع أن تقدم شيئاً، لا تخدع نفسك... أنت مسؤول عن إمكاناتك، إبداعاتك، أموالك، نفسك... سلاحك و وعيك... العالم لا يفهم غير لغة القوة، قوة في علم، في سلاح، في جسد، في اقتصاد، في إعلام، في وعي يؤدي إلى فعل قادر على التغيير بدل الاكتفاء بالمشاهدة ثم التجمد... فماذا أنت فاعل اليوم؟
تعليقات